سورة المؤمنون - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


قوله تعالى: {ألم تكن} المعنى: ويقال لهم: ألم تكن {آياتي تُتْلى عليكم} يعني: القرآن. {قالوا ربَّنا غلبت علينا شِقوتُنا} قرأ ابن كثير، وعاصم، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: {شِقوتُنا} بكسر الشين من غير ألف، وقرأ عمرو بن العاص، وأبو رزين العقيلي، وأبو رجاء العطاردي كذلك، إِلا أنه بفتح الشين. وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والأعمش، وحمزة، والكسائي: {شَقَاوتُنا} بألف مع فتح الشين والقاف؛ وعن الحسن، وقتادة كذلك، إِلا أن الشين مكسورة. قال المفسرون: أقرَّ القوم بأنَّ ما كُتب عليهم من الشقاء منعهم الهدى.
قوله تعالى: {ربَّنا أخرجنا منها} أي: من النار. قال ابن عباس: طلبوا الرجوع إِلى الدنيا {فإن عُدنا} أي: إِلى الكفر والمعاصي.
قوله تعالى: {اخْسَؤوا} قال الزجاج: تباعدوا تباعد سخط، يقال: خَسَأْتُ الكلب أَخْسَؤه: إِذا زجرتَه ليتباعد.
قوله تعالى: {ولا تكلِّمون} أي: في رفع العذاب عنكم. قال عبد الله بن عمرو: إِن أهل جهنم يدعون مالكاً أربعين عاماً، فلا يجيبهم، ثم يقول: {إِنكم ماكثون} [الزخرف: 77]، ثم ينادون ربَّهم {ربَّنا أخرجنا منها} فيَدَعهم مثل عُمُر الدنيا، ثم يقول: {إِنكم ماكثون} ثم ينادون ربَّهم {ربَّنا أخرجنا منها} فيَدَعهم مثل عمر الدنيا، ثم يردُّ عليهم {اخسؤوا فيها ولا تكلِّمون} فما ينبس القومُ بعد ذلك بكلمة إِن كان، إِلا الزفير والشهيق. ثم بيَّن الذي لأجله أخسأهم بقوله: {إِنَّه} وقرأ ابن مسعود. وأبو عمران الجوني، وعاصم الجحدري: {أنَّه} بفتح الهمزة {كان فريق من عبادي} قال ابن عباس: يريد المهاجرين. قوله تعالى: {فاتَّخَذْتُموهم} قال الزجاج: الأجود إِدغام الذال في التاء لقرب المخرجين، وإِن شئتَ أظهرتَ، لأن الذال من كلمة والتاء من كلمة، وبين الذال والتاء في المخرج شيء من التباعد.
قوله تعالى: {سخريّاً} قرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو حاتم عن يعقوب: {سُخريّاً} بضم السين هاهنا وفي [ص: 63]، تابعهم المفضل في [ص: 32]. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: بكسر السين في السورتين. ولم يختلف في ضم السين في الحرف الذي في [الزخرف: 32]. واختار الفراء الضم، والزجاج الكسر. وهل هما بمعنىً؟ فيه قولان:
أحدهما: أنهما لغتان ومعناهما واحد، قاله الخليل، وسيبويه، ومثله قول العرب، بحر لُجِّيٌّ ولِجِيٌّ، وكوكبٌ دُرِيٌّ ودِرِّيٌّ.
والثاني: أن الكسر بمعنى الهمز، والضم بمعنى: السُّخرة والاستعباد، قاله أبو عبيدة، وحكاه الفراء، وهو مروي عن الحسن، وقتادة.
قال أبو علي: قراءة من كسر أرجح من قراءة من ضمّ، لأنه من الهزء، والأكثر في الهزء كسر السين. قال مقاتل: كان رؤوس كفار قريش كأبي جهل وعقبة والوليد قد اتخذوا فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعمَّار وبلال وخبَّاب وصهيب سِخْرِيّاً يستهزئون بهم ويضحكون منهم. قوله تعالى: {حتى أَنْسَوكم ذِكْري} أي: أنساكم الاشتغال بالاستهزاء بهم ذِكْري، فنسب الفعل إِلى المؤمنين وإِن لم يفعلوه، لأنهم كانوا السبب في وجوده، كقوله: {إِنهنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من النّاس} [إبراهيم: 36].
قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليومَ بما صبروا} أي: على أذاكم واستهزائكم {أنَّهم} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {أنَّهم}، بفتح الألف. وقرأ حمزة، والكسائي: {إِنَّهم} بكسرها. فمن فتح {أنَّهم}، فالمعنى: جزيتُهم بصبرهم الفوزَ، ومن كسر {إِنهم}، استأنف.


قوله تعالى: {قال كم لبثتم} قرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {قال كم لبثتم} وهذا سؤال الله تعالى للكافرين. وفي وقته قولان:
أحدهما: أنه يسألهم يوم البعث.
والثاني: بعد حصولهم في النار.
وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: {قل كم لبثتم} وفيها قولان:
أحدهما: أنه خطاب لكل واحد منهم، والمعنى: قل يا أيها الكافر.
والثاني: أن المعنى: قولوا، فأخرجه مخرج الأمر للواحد، والمراد الجماعة، لأن المعنى مفهوم. وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي يدغمون ثاء {لبثتم}، والباقون لا يدغمونها؛ فمن أدغم، فلتقارب مخرج الثاء والتاء، ومن لم يدغم، فلتباين المخرجين.
وفي المراد بالأرض قولان:
أحدهما: أنها القبور.
والثاني: الدنيا. فاحتقر القوم ما لبثوا لِما عاينوا من الأهوال والعذاب فقالوا: {لبثنا يوماً أو بعض يوم} قال الفراء: والمعنى: لا ندري كم لبثنا.
وفي المراد بالعادِّين قولان:
أحدهما: الملائكة، قاله مجاهد.
والثاني: الحُسَّاب، قاله قتادة، وقرأ الحسن، والزهري، وأبو عمران الجوني، وابن يعمر: {العادِين} بتخفيف الدال.
قوله تعالى: {قال إِن لبثتُم} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {قال إِن لبثتم}. وقرأ حمزة، والكسائي: {قل إِن لبثتم} على معنى: قل أيها السائل عن لبثهم. وزعموا أن في مصحف أهل الكوفة {قل} في الموضعين، فقرأهما حمزة، والكسائي على ما في مصاحفهم، أي: ما لبثتم في الأرض {إِلاَّ قليلاً} لأن مكثهم في الأرض وإِن طال، فإنه مُتَنَاهٍ، ومكثهم في النار لا يتناهى.
وفي قوله: {لو أنَّكم كنتم تَعْلَمون} قولان:
أحدهما: لو علمتم قدر لبثكم في الأرض.
والثاني: لم علمتم أنكم إِلى الله ترجعون، فعملتم لذلك.
قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُم} أي: أفظننتم {أنَّما خَلَقْناكم عَبَثاً} أي: للعبث؛ والعبث في اللغة: اللعب، وقيل: هو الفعل لا لغرض صحيح، {وأنَّكم إِلينا لا تُرجعون} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: {لا تُرْجَعون} بضم التاء. وقرأ حمزة، والكسائي بفتحها. {فتعالى الله} عمَّا يَصِفُه به الجاهلون من الشِّرك والولد، {الملِكُ} قال الخطّابي: هو التامّ المُلك الجامع لأصناف المملوكات. وأما المالك: فهو الخالص المُلك. وقد ذكرنا معنى {الحق} في [يونس: 32].
قوله تعالى: {ربُّ العرشِ الكريمِ} والكريم في صفة الجماد بمعنى: الحسن. وقرأ ابن محيصن: {الكريمُ} برفع الميم، يعني اللهَ عز وجل.
قوله تعالى: {لا بُرهان له به} أي: لا حُجَّة له به ولا دليل؛ وقال بعضهم: معناه: فلا برهان له به.
قوله تعالى: {فإِنما حسابه عند ربه} أي: جزاؤه عند ربِّه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7